تذكرون " (1).
ويضيف القرآن في الآية التالية مستنتجا مما تقدم من الأبحاث التوحيدية قائلا: ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين.
والتعبير ب " الفرار " هنا تعبير لطيف وبليغ، لأن الفرار يطلق في ما إذا واجه الإنسان موجودا أو حادثا مخيفا من جهة، وهو من جهة أخرى يعرف مكانا يلتجئ إليه فيسرع من مكان المواجهة إلى ذلك المكان ويلتجئ إلى نقطة الأمن والأمان.. فالآية تقول: فروا من عقيدة الشرك الموحشة وعبادة الأصنام إلى التوحيد الخالص الذي هو منطقة الأمن والأمان الواقعي.
ففروا من عذاب الله وتوجهوا نحو رحمته!
فروا من عصيانه وعناده وتوسلوا بالتوبة إليه.
والخلاصة: فروا من السيئات والقبائح وعدم الإيمان وظلمة الجهل والعذاب الدائم والتجأوا إلى رحمة الحق وسعادته الأبدية.
ولمزيد التأكيد، يستند القرآن إلى وحدانية العبادة لله الأحد فيقول:
ولا تجعلوا مع الله إلها آخر.
ويحتمل أن الآية السابقة - تدعو إلى أصل الإيمان بالله! وهذه الآية تدعو إلى وحدانية ذاته المقدسة فيكون تكرار جملة: " إني لكم منه نذير مبين " في المورد الأول على أنه إنذار على ترك الإيمان بالله، وفي المورد الآخر إنذار على الشرك وعبادة الأصنام، وهكذا فإن كل جملة وإن تكررت تشير إلى موضوع مستقل!
وجاء في بعض الروايات عن الإمام الصادق أن المراد من قوله: ففروا إلى الله هو الحج وزيارة بيت الله (2) وواضح أن المراد هنا ذكر مصداق واحد من المصاديق الواضحة للفرار إلى الله، لأن الحج يعرف الإنسان حقيقة التوحيد