ليقوده نحو الهاوية، أجل هذه خطوات الشيطان (1).
ثم تشير الآية إلى أهم النعم الكبيرة التي من الله بها على الإنسان في هدايته فتقول: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم.
ولا شك في أن الفضل والرحمة الإلهية ينقذان الإنسان من الإنحطاط والانحراف من الذنوب جميعا، فالله منحه العقل، ولطف به فأرسل إليه الرسل، ويسر له سبل الارتقاء والاهتداء، وأعانه على استكمال الخير. وإضافة إلى هذه المواهب شمل الله الذين تطهروا بتوفيقاته الخاصة، وإمداداته التي يستحقونها، والتي تعتبر أهم عنصر في تطهير وتزكية النفس.
وكما أسلفنا. مرارا، فإن عبارة " من يشاء " لا تعني المشيئة دون مبرر، بل إن الله يهدي عباده الذين يسعون في نيلها، الذين يسيرون في الطريق إلى الله، ويجاهدون في سبيله، فيمسك الله بيدهم ويحفظهم من وساوس الشيطان وكيده حتى يبلغهم الهدف الأسمى.
وبعبارة أخرى: إن الفضل والرحمة الإلهية تارة يكون لهما جانب تشريعي عن طريق الرسل عليهم السلام والكتب السماوية وما فيها من تعاليم إلهية وبشارات وإنذارات سماوية. وأخرى يتخذ الفضل والرحمة الإلهية جانبا تكوينيا عن طريق الإمدادات المعنوية الإلهية.
والآيات موضع البحث استهدفت القسم الثاني، بدليل عبارة " من يشاء "، ويجب الانتباه إلى أن " الزكاة " و " التزكية " تعني في الأصل النمو، والعمل من أجل النمو، إلا أنها وردت غالبا بمعنى التطهر والتطهير.
ويمكن إرجاعها إلى أصل واحد، إذ أن النمو والرشد لا يمكن أن يتحققا إلا