أصنع؟! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) " إن المؤمن يجاهد بنفسه وسيفه ولسانه ". (1) وقد ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وصف كثير في الشعر والشعراء الهادفين والدعاء لهم وإيصال الجوائز إليهم، بحيث يطول الكلام في ذلك " إن أردنا نقل الروايات عنهم ".
إلا أنه من المؤسف أنه على طول التاريخ أسقط جماعة هذه المنحة الإلهية والذوق اللطيف، الذي هو من أجمل مظاهر الخلق، فأنزلوه من أوجه إلى الحضيض، وكذبوا فيه كثيرا حتى قيل في المثل المعروف: " أعذبه أكذبه ".
وربما سخروه في خدمة الجبابرة والظالمين وتملقوا لهم، رجاء صلة محتقرة رخيصة...
أو أنهم أفرطوا في وصف الشراب والفجور والفسق أحيانا، إلى درجة يخجل القلم عن ذكرها!
وربما أشعلوا الحروب بنيران أشعارهم، وجروا الناس إلى القتل والغارات، ولطخوا الأرض بدماء الأبرياء.
إلا أن في الطرف الآخر - وفي قبالهم - الشعراء الذين آمنوا بمبدئهم، واشتدت همتهم، فسخروا هذه القريحة الملكوتية في سبيل حرية الناس والتقوى، ومواجهة اللصوص والمستكبرين والجبابرة، فبلغوا أوج الفخر!
وربما دافعوا عن الحق فاشتروا بكل بيت من أبيات شعرهم بيتا في الجنة. (2) ربما وقفوا في وجوه حكام الظلم والجور كبني أمية وبني العباس الذين كانوا يحبسون الأنفاس في الصدور، فتجلى القلوب بقصيدة كقصيدة دعبل " مدارس آيات خلت من تلاوة " وأماطوا عن الحق لثام الباطل، فكأنما كان يجري على