أي أن من علامات الإيمان أن لا يتوجه الإنسان نحو الذنوب العظام، وإذا ارتكبها فذلك يدل على عدم إيمانه أو ضعفه، والجملة المذكورة تشكل - في الحقيقة - أحد أركان التوبة، إذ أن الندم على الماضي لا يكفي، بل يجب التصميم على عدم تكرار ارتكاب الذنوب في المستقبل، لتكون توبة كاملة.
ولتأكيد أكثر على أن هذا الكلام ليس اعتياديا، بل صادر عن الله العليم الحكيم، ولبيان الحقائق ذات الأثر الفعال في مصير الإنسان، يقول سبحانه وتعالى ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم.
فهو يعلم تفاصيل أعمالكم تمام العلم، ويصدر أحكامه بمقتضى حكمته الهادية لكم. وبتعبير آخر: إنه يعلم حاجاتكم وما يضركم وما ينفعكم بمقتضى علمه الواسع، ويصدر أحكامه وأوامره المتناسبة لاحتياجاتكم بمقتضى حكمته.
ولتثبيت الأمر نقل الكلام من مورده الخاص إلى بيان عام لقانون شامل دائم، فقال: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم من الدنيا والآخرة.
ومما يلفت النظر أن القرآن الكريم لم يقل " الذين يشيعون الفاحشة، بل قال:
الذين يحبون أن تشيع الفاحشة وهذا يحكي عن الأهمية القصوى التي يدليها القرآن لذلك. وبعبارة أخرى: أنه لا ينبغي توهم أن ذلك كان من أجل زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو شخص آخر بمنزلتها، بل من أجل كل مؤمن ومؤمنة، فلا خصوصية في ذلك، إنما هي عامة للجميع على الرغم من أن كل حالة لها خصائصها، وقد تزيد الواحدة على الأخرى في الخصائص أو تنقص.
كما يجب الانتباه إلى أن إشاعة الفحشاء لا تنحصر في ترويج تهمة كاذبة ضد مسلم مؤمن، يتهم بعمل مخل بالشرف، بل هذه مصداق من مصاديقها ولهذا التعبير مفهوم واسع يضم كل عمل يساعد في نشر الفحشاء والمنكر.
وقد وردت في القرآن المجيد كلمة " الفحشاء " غالبا للدلالة على العمل