أحدهم، فكأن التهمة موجهة لجميعهم، ومثالهم في ذلك كمن اشتكى عضو منه فهبت بقية الأعضاء لنجدته.
وهكذا يجب أن يهب المسلم للدفاع عن إخوته وأخواته في الدين مثلما يدافع عن نفسه (1).
وقد استعملت كلمة " الأنفس " في آيات أخرى من القرآن في هذا المعنى أيضا - في مثل هذه الحالات - كما هو في الآية (11) من سورة الحجرات ولا تلمزوا أنفسكم! أما الاستناد إلى الرجال والنساء المؤمنين فيشير إلى قدرة الإيمان على ردع سوء الظن بالآخرين.
وحتى هذه اللحظة كانت الملامة ذات طابع أخلاقي ومعنوي، وتقضي بعدم التزام المؤمنين جانب الصمت إزاء مثل هذه التهم القبيحة، أو أن يكونوا وسيلة بيد مروجي الشائعات.
ثم تهتم الآيات بالجانب القضائي للمسألة فتقول: لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء أي لماذا لم تطلبوا منهم الإتيان بأربعة شهود. فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون.
إن هذه الملامة تبين أن الحكم بأداء أربعة أشخاص لشهادتهم، وكذلك حد القذف في حالة عدمه قد نزل قبل الآيات التي تناولت حديث الإفك.
وأما الجواب عن سؤال: كيف لم يقدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على تنفيذ هذا الحد؟ فإنه واضح، لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقدم على شئ ما لم يسند من قبل الناس، فالتعصب القبلي قد يؤدي إلى مقاومة سلبية لبعض أحكام الله ولو بصورة مؤقتة، وقد ذكر المؤرخون أن الأمر كان هكذا في هذه القضية.
وأخيرا جمعت الآية التالية هذه الملامات، فقالت ولولا فضل الله عليكم