" في تلك السوق "، وعاقبة المؤمنين وعاقبة الكافرين والضالين وجنود إبليس، ويدل ظاهر الآيات أن هذا الوصف وهذا التصوير هو من كلام إبراهيم الخليل، وأنه ختام دعائه ربه، وهكذا يعتقد - أيضا - أغلب المفسرين... وإن كان هناك من يحتمل أنه هو من كلام الله، وأن الآيات محل البحث هي منه سبحانه جاءت مكملة لكلام إبراهيم (عليه السلام) وموضحة له، إلا أن هذا الاحتمال يبدو ضعيفا!...
وعلى كل حال، فأول ما تبدأ به هذه الآيات هو يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وفي الحقيقة إن هاتين الدعامتين المهمتين في الحياة الدنيا " المال والبنون " ليس فيهما أدنى نفع لصاحبهما يوم القيامة، وكل ما كان دون هاتين الدعامتين رتبة من الأمور الدنيوية - من باب أولى - لا نفع فيه، ولا فائدة من ورائه!
وبديهي أن المراد من المال والبنين هنا ليس هو ما يكون - من المال والبنين - في مرضاة الله، بل المراد منه الاستناد إلى الأمور المادية، فالمراد إذا هو أن هذه الدعامات المادية لا تحل معضلا في ذلك اليوم... أما لو كان أي من البنين والمال في مرضاة الله فلن يكون ذلك ماديا.. إذ يصطبغ بصيغة الله ويعد من " الباقيات الصالحات "!...
ثم يضيف القرآن في ختام الآية، على سبيل الاستثناء إلا من أتى الله بقلب سليم.
وهكذا يتضح أن أفضل ما ينجى يوم القيامة هو القلب السليم، ويا له من تعبير رائع جامع، تعبير يتجسد فيه الإيمان والنية الخالصة، كما يحتوي على كل ما يكون من عمل صالح! ولم لا يكون لمثل هذا القلب من ثمر سوى العمل الصالح؟!
وبتعبير آخر: كما أن قلب الإنسان وروحه يؤثران في أعماله، فإن أعماله لها أثر واسع في القلب أيضا، سواء كانت أعمالا رحمانية أم شيطانية!...