إخفاؤه لزمان طويل، فما كان أسرع أن رفع جواسيس فرعون هذا الخبر إليه، وكما يحدثنا القرآن عن ذلك أن فرعون أرسل رسله وأعوانه إلى المدن لجمع القوات: فأرسل فرعون في المدائن حاشرين.
بالطبع فإن في تلك الظروف، وصول إبلاغ فرعون إلى المدائن، وجميع مناطق مصر، يحتاج إلى زمان معتنى به لكن من الطبيعي أن يصل هذا البلاغ المدن القريبة بسرعة وتتحرك القوى المعدة فورا، وتؤدي مقدمة الجيش مهمتها، وتتبعها بقية الأفواج بالتدريج...
ولتعبئة الناس - ضمنا - وتهيئة الأرضية لإثارتهم ضد موسى وقومه، أمر فرعون أن يعلن إن هؤلاء لشرذمة قليلون.
فبناء على ذلك فنحن منتصرون عند مواجهتنا لهذه الفئة القليلة حتما.
و " الشرذمة " في الأصل تعني القلة من الجماعة، كما تعني ما تبقى من الشئ، ويطلق على اللبوس الممزق الخلق " شراذم "، فبناء على هذا يكون المعنى أن هؤلاء " أي موسى وقومه " بالإضافة إلى أنهم قليلون فهم متفرقون، فكأن فرعون، بهذا التعبير أراد أن يجسم عدم انسجام بني إسرائيل من حيث أعداد الجيش فيهم...
ثم تضيف الآية الأخرى حاكية عن لسان فرعون وإنهم لنا لغائظون فمن يسقي مزارعنا غدا، ومن يبنى لنا القصور؟ ومن يخدم في البيوت والقصور غيرهم؟!
ثم إنا من مؤامرتهم يجب أن نكون على حذر سواء أقاموا أم رحلوا: وإنا لجميع حاذرون ومستعدون جميعا لمواجهتهم.
وقد فسر بعضهم " حاذرون " على أنها من الحذر، بمعنى الخوف والخشية من التآمر، وفسر بعضهم (حاذرون) على أنها من الحذر، بمعنى الفطنة والتهيؤ من حيث السلاح والقوة. إلا أن هذين التفسيرين لا منافاة بينهما، فربما كان فرعون