عصى موسى، وأضافوا عليها الحبال ليثبتوا علوهم وفضلهم عليه...
فتهللت أسارير وجوه الناس ووجه فرعون فرحا، وأشرق الأمل في عيني فرعون وأتباعه، وسروا سرورا لم يكن ليخفى على أحد، وسرت فيهم نشوة اللذة من هذا المشهد!
إلا أن موسى (عليه السلام) لم يمهل الحاضرين ليستمر هذا المشهد ويدوم هذا الفصل المثير، فتقدم فألقى موسى عصاه فتحولت إلى ثعبان عظيم وبدأت بالتهام وسائل وأدوات السحرة بسرعة بالغة فإذا هي تلقف ما يأفكون. (1) وهنا طاف صمت مهيب على وجوه الحاضرين وغشاهم الوجوم وفغرت الأفواه من الدهشة والعجب، وجمدت العيون، ولكن سرعان ما انفجر المشهد بصراخ المتفرجين المذعورين ففر جماعة من مكانهم وبقي آخرون يترقبون نهاية المشهد، وأفواه السحرة فاغرة من الدهشة...
وتبدل كل شئ، وثاب السحرة إلى رشدهم بعد أن كانوا - إلى تلك اللحظة - مع فرعون غارقين في الشيطنة، ولأنهم كانوا عارفين بقضايا السحر ودقائقه، فإنهم تيقنوا أن عصا موسى لم تكن سحرا، بل هي معجزة إلهية كبرى فألقي السحرة ساجدين.
الطريف أن القرآن يعبر عن خضوع السحرة ب " ألقي " وهذا التعبير إشارة إلى منتهى التأثير وجاذبية معجزة موسى لهم، حتى كأنهم سقطوا على الأرض وسجدوا دون اختيارهم...
واقترن هذا العمل العبادي - وهو السجود - بالقول بلسانهم ف قالوا آمنا برب العالمين.
ولئلا يبقى مجال للإبهام والغموض والتردد، ولئلا يفسر فرعون ذلك تفسيرا