فيها فرعون ويعجزه. عليه أن يلجأ إلى القوة أيضا، القوة الإلهية التي تنبع من الإعجاز، فالتفت إلى فرعون متحديا و قال أو لو جئتك بشئ مبين...
وهنا وجد فرعون نفسه في طريق مغلق مسدود... لأن موسى (عليه السلام) أشار إلى خطة جديدة! ولفت انظار الحاضرين نحوه، إذ لو أراد فرعون أن لا يعتد بكلامه، لاعترض عليه الجميع ولقالوا: دعه ليرينا عمله المهم، فلو كان قادرا على ذلك فلنرى، ونعلم حينئذ أنه لا يمكن الوقوف امامه، وإلا فستنكشف مهزلته!! وعلى كل حال ليس من اليسير تجاوز كلام موسى ببساطة...
فاضطر فرعون إلى الاستجابة لاقتراح موسى (عليه السلام) و قال فأت به إن كنت من الصادقين.
فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " بأمر الله ".
ثم أظهر إعجازا آخر حيث أدخل يده في جيبه (أعلى الثوب) وأخرجها فإذا هي بيضاء منيرة: ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين.
في الحقيقة إن هاتين المعجزتين الكبيرتين، إحداهما كانت مظهر الخوف، والأخرى مظهر الأمل، فالأولى تناسب مقام الإنذار، والثانية للبشارة! والأولى تبين عذاب الله، والأخرى نور وآية رحمة! لأن المعجزة ينبغي أن تكون منسجمة مع دعوة النبي (عليه السلام).
" الثعبان " معناه الحية العظيمة، ويحتمل الراغب في مفرداته أن " الثعبان " من مادة (ثعب) المأخوذ معناه من جريان الماء، لأن حركة هذا الحيوان تشبه الأنهار المتحركة!
والتعبير ب " المبين " لعله إشارة إلى هذه الحقيقة! وهي أن عصا موسى (عليه السلام) تبدلت إلى ثعبان عظيم فعلا، ولم يكن في الأمر من إيهام أو سحر.
ولا بأس بذكر هذه اللطيفة الدقيقة هنا، وهي أن الآية محل البحث عبرت [عن تبدل العصا] ب " ثعبان ". أما الآية العاشرة من سورة النمل، والآية الحادية