في إحدى الروايات الإسلامية، ورد تشبيه رائع للإسراف والإقتار وحد الاعتدال، تقول الرواية: تلا أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. قال: فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده، فقال: هذا الإقتار الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، ثم قبض قبضة أخرى فأرخى كفه كلها، ثم قال: هذا الإسراف، ثم أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال: هذا القوام ". (1) كلمة " قوام " (على وزن عوام) لغة بمعنى العدل والاستقامة والحد والوسط بين شيئين، و " قوام " (على وزن كتاب): الشئ الذي يكون أساس القيام والاستقرار.
* * * مسألتان 3 - 1 - طريقة مشي المؤمنين قرأنا في الآيات أعلاه أن التواضع أحد علائم " عباد الرحمن "، التواضع الذي يهيمن على أرواحهم بحيث يظهر حتى في مشيتهم، التواضع الذي يدفعهم إلى التسليم أمام الحق. لكن من الممكن أحيانا أن يتوهم البعض في التواضع ضعفا وعجزا وخورا وكسلا، وهذا النمط من التفكير خطير جدا.
التواضع في المشي ليس هو الضعف والخطوة الخائرة، بل إن الخطوات المحكمة التي تحكي عن الجدية والقدرة هي من صميم التواضع.
نقرأ في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أحد أصحابه يقول: " ما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كأنما الأرض تطوى له، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير