من عمل الشيطان، وأن الشيطان لا يريد بها إلا إيقاع العداوة والبغضاء بينكم في الخمر والميسر وصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فلا يصاب لها مورد يخلص فيه النفع عن الاثم حتى تباح فيه، فافهم ذلك.
قوله تعالى: " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا، إلى آخر الآية " تأكيد للامر السابق باجتناب هذه الارجاس أولا بالامر بطاعة الله سبحانه وبيده أمر التشريع، وثانيا بالامر بطاعة الرسول واليه الاجراء، وثالثا بالتحذير صريحا.
ثم في قوله: " فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين " تأكيد فيه معنى التهديد وخاصة لاشتماله على قوله: " فاعلموا " فإن فيه تلويحا إلى أنكم إن توليتم واقترفتم هذه المعاصي فكأنكم ظننتم أنكم كابرتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نهيه عنها وغلبتموه، وقد جهلتم أو نسيتم أنه رسول من قبلنا ليس له من الامر شئ إلا بلاغ مبين لما يوحى إليه ويؤمر بتبليغه، وإنما نازعتم ربكم في ربوبيته.
وقد تقدم في أول الكلام أن الآيات تشتمل على فنون من التأكيد في تحريم هذه الأمور، وهى الابتداء بقوله: " يا أيها الذين آمنوا، ثم الاتيان بكلمة الحصر، ثم التوصيف بالرجس، ثم نسبتها إلى عمل الشيطان، ثم الامر بالاجتناب صريحا، ثم رجاء الفلاح في الاجتناب، ثم ذكر مفاسدها العامة من العداوة والبغضاء والصرف عن ذكر الله وعن الصلاة، ثم التوبيخ على عدم انتهائهم، ثم الامر بطاعة الله ورسوله والتحذير عن المخالفة، ثم التهديد على تقدير التولي بعد البلاغ المبين.
قوله تعالى: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " إلى آخر الآية الطعم والطعام هو التغذي، ويستعمل في المأكول دون المشروب، وهو في لسان المدنيين البر خاصة، وربما جاء بمعنى الذوق، ويستعمل حينئذ بمعنى الشرب كما يستعمل بمعنى الاكل قال تعالى: " فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى " (البقرة: 249)، وفي بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال في ماء زمزم: أنه طعام طعم وشفاء سقم.
والآية لا تصلح بسياقها إلا أن تتصل بالآيات السابقة فتكون دفع دخل تتعرض لحال المؤمنين ممن ابتلى بشرب الخمر قبل نزول التحريم أو قبل نزول هذه الآيات، وذلك أن قوله فيها: " فيما طعموا " مطلق غير مقيد بشئ مما يصلح لتقييده، والآية