ومنها ما يرجع إلى ذيل الآية من حيث تكرر التقوى فيه ثلاث مرات، وتكرر الايمان وتكرر العمل الصالح وختمها بالاحسان.
فقيل: إن المراد بقوله: " إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات " اتقوا المحرم وثبتوا على الايمان والأعمال الصالحة، وبقوله: " ثم اتقوا وآمنوا " ثم اتقوا ما حرم عليهم بعد كالخمر وآمنوا بتحريمه، وبقوله: " ثم اتقوا و أحسنوا " ثم استمروا وثبتوا على اتقاء المعاصي واشتغلوا بالاعمال الجميلة.
وقيل: إن هذا التكرار باعتبار الحالات الثلاث: استعمال الانسان التقوى و الايمان بينه وبين نفسه، وبينه وبين الناس، وبينه وبين الله تعالى، والاحسان على هذا هو الاحسان إلى الناس ظاهرا.
وقيل: إن التكرار باعتبار المراتب الثلاث: المبدأ والوسط والمنتهى، وهو حق التقوى.
وقيل: التكرار باعتبار ما يتقى فإنه ينبغي أن تترك المحرمات توقيا من العقاب، والشبهات تحرزا عن الوقوع في الحرام، وبعض المباحات تحفظا للنفس عن الخسة، وتهذيبا عن دنس الطبيعة.
وقيل: إن الاتقاء الأول اتقاء عن شرب الخمر والايمان الأول هو الايمان بالله، والاتقاء الثاني هو إدامة الاتقاء الأول والايمان الثاني إدامة الايمان الأول، والاتقاء الثالث هو فعل الفرائض، والاحسان فعل النوافل.
وقيل: إن الاتقاء الأول اتقاء المعاصي العقلية، والايمان الأول هو الايمان بالله وبقبح هذه المعاصي، والاتقاء الثاني اتقاء المعاصي السمعية والايمان الثاني هو الايمان بوجوب اجتناب هذه المعاصي، والاتقاء الثالث يختص بمظالم العباد وما يتعلق بالغير من الظلم والفساد، والمراد بالاحسان الاحسان إلى الناس.
وقيل: إن الشرط الأول يختص بالماضي، والشرط الثاني بالدوام على ذلك والاستمرار على فعله، والشرط الثالث يختص بمظالم العباد، إلى غير ذلك من أقوالهم وجميع ما ذكروه مما لا دليل عليه من لفظ الآية أو غيرها يوجب حمل الآية عليه، وهو ظاهر بالتأمل في سياق القول فيها والرجوع إلى ما قدمناه.