وليرجع في ذلك إلى السنة الجارية بين الأمم والأقوام من يومنا هذا إلى أقدم العهود التي يستطاع العثور فيها على تاريخ الانسانية فالأمتان أو القبيلتان إذا تحاربتا وتقاتلتا ثم غلبت إحداهما الأخرى واستعلت عليها فإنها ترى من حقها المشروع لها في الحرب أن تضع في عدوها السيف حتى يسلم لها الامر تسليما مطلقا من غير شرط.
وليست ترضى من التسليم بمجرد أن تضع الأمة المقاتلة المغلوبة أسلحتها على الأرض فتتركهم وما يريدون بل بالتسليم لأمر الأمة الغالبة، والخضوع التام لما تحكم فيهم، وترى لهم أو عليهم، وتتصرف في نفوسهم وأموالهم.
ومن سفه الرأي أن تقيد هذه السيطرة بقيد يفسد أثر هذا التسليم المطلق، ويبطل حكمه، ويمهد الطريق للعدو في الرجوع إلى كيده ومكره، ويجدد له رجاء العود إلى ما بدأ، وكيف يسوغ للأمة الغالبة ذلك وقد فدت عن استقلال مجتمعها المقدس عندها بالنفوس والأموال؟ وهل ذلك إلا ظلما لنفسها واستهانة بأعز ما عندها، وتبذيرا للدماء والأموال والمساعي.
وليس لمعترض أن يعترض على أمة غالبة غلبت بتضحية النفوس والأموال فضربت على عدوها بالذلة والمسكنة، وحفظهم على حالة الرق: بأن رجالهم قاتلوا وقتلوا وأفسدوا فاخذوا بالأسر وجوزوا بسلب الحرية على ما يبيحه الحق المشروع للمحارب على محاربه فما ذنب الأصاغر من الذراري المتولدين بعد ذلك، ولم يحملوا سلاحا، ولا سلوا سيفا، ولا دخلوا معركة؟ وذلك أنهم ضحايا آبائهم.
بعد ذلك كله لا ينبغي أن ينسى أن للحكومة الاسلامية أن يحتال في انعتاق الرقيق بشراء وعتق ونحو ذلك إذا أحرزت أن الأصلح بحال المجتمع الاسلامي ذلك والله أعلم.
(كلام في المجازاة والعفو في فصول) 1 - ما معنى الجزاء؟: لا يخلو أي مجتمع من المجتمعات من تكاليف اجتماعية على أجزائه أن يحترموها فلا هم للمجتمع إلا أن يوافق بين أعمال الافراد ويقرب بعضها من بعض، ويربط جانبا منها بجانب حتى تأتلف وتجتمع وترفع بآثارها ونتائجها حوائج