لكن التعليم القرآني ينفى ذلك لأنه يثبت من الوحدة ما لا يستقيم معه فرض أي كثرة وتمايز لا في الذات ولا في الصفات، وكل ما فرض من شئ في هذا الباب كان عين الاخر لعدم الحد فذاته تعالى عين صفاته، وكل صفة مفروضة له عين الأخرى، تعالى الله عما يشركون، وسبحانه عما يصفون.
ولذلك ترى أن الآيات التي تنعته تعالى بالقهارية تبدء أولا بنعت الوحدة ثم تصفه بالقهارية لتدل على أن وحدته لا تدع لفارض مجال أن يفرض له ثانيا مماثلا بوجه فضلا عن أن يظهر في الوجود، وينال الواقعية والثبوت، قال تعالى: " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم " (يوسف: 40)، فوصفه بوحدة قاهرة لكل شريك مفروض لا تبقى لغيره تعالى من كل معبود مفروض إلا الاسم فقط، وقال تعالى: " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار " (الرعد: 16)، قال تعالى: " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " (المؤمن: 16)، إذ ملكه تعالى المطلق لا يخلى مالكا مفروضا غيره دون أن يجعله نفسه وما يملكه ملكا لله سبحانه، وقال تعالى: " وما من إله إلا الله الواحد القهار " (ص: 65)، وقال تعالى: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار " (الزمر: 4)، فرتب القهارية في جميع الآيات على صفة الوحدة.
(بحث روائي) في التوحيد والخصال باسناده عن المقدام بن شريح بن هاني عن أبيه قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أتقول: إن الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه وقالوا: يا اعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: دعوة فإن الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم!.
ثم قال: يا اعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل، ووجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد يقصد به باب الاعداد، فهذا ما لا يجوز، لان ما لا ثاني له لا يدخل في