عليه صار ملك يمين، منافع عمله لغيره ونفقته على مولاه.
وقد وصى الاسلام أن يعامل المولى مع عبده معاملة الواحد من أهله وهو منهم فيساويهم في لوازم الحياة وحوائجها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يؤاكل عبيده وخدمه ويجالسهم، ولا يؤثر نفسه عليهم في مأكل ولا ملبس ونحوهما.
وأن لا يشق عليهم ولا يعذبوا ولا يسبوا ولا يظلموا، وأجيز أن يتزوجوا فيما بينهم بإذن أهلهم، وإن يتزوج بهم الأحرار، وأن يشاركوهم في الشهادات، ويساهموهم في الأعمال حال الرق وبعد الانعتاق.
وقد بلغ من إرفاق الاسلام في حقهم أن شاركوا الأحرار في عامة الأمور، وقد قلد جمع منهم الولاية والامارة وقيادة الجيش على ما يضبطه تاريخ صدر الاسلام، ويوجد بين الصحابة الكبار عدة من الموالى كسلمان وبلال وغيرهما.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعتق جاريته صفية بنت حي بن أخطب وتزوج بها، وتزوج جويرية بنت الحارث بعد وقعة بنى المصطلق وقد كانت بين سباياهم، وكانوا مأتى بيت بالنساء والذراري، وصار ذلك سببا لانعتاق الجميع، وقد مر إجمال القصة في الجزء الرابع من الكتاب.
ومن الضروري من سيرة الاسلام أنه يقدم العبد المتقى على المولى الحر الفاسق، وأنه يبيح للعبد أن يتملك المال ويتمتع بعامة مزايا الحياة بإذن من أهله، هذا إجمال من صنيع الاسلام فيهم.
ثم أكد الوصية وندب أجمل الندب إلى تحرير رقبتهم، و إخراجهم من ظرف الاستعباد إلى جو الحرية ولا يزال يقل بذلك عددهم ويتبدل جمعهم موالى وأحرارا لوجه الله، ولم يقنع بذلك دون أن جعل تحرير الرقبة أحد خصال الكفارات مثل كفارة القتل وكفارة الافطار، وأجاز لهم الاشتراط والكتابة والتدبير، كل ذلك عناية بهم وقصدا إلى تخليصهم وإلحاقا لهم بالمجتمع الانساني الصالح إلحاقا تاما يقطع دابر الاستذلال.
7 - محصل البحث في الفصول السابقة: تحصل مما مر أمور ثلاث:
الأول: أن الاسلام لم يأل جهدا في إلغاء أسباب الاستعباد وتقليلها وتضعيفها حتى