تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٣٧٤
من سبيل والله غفور رحيم " (التوبة: 91)، إلى غير ذلك.
وقال تعالى في البلايا والمصائب التي تصيب الناس: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " (الشورى: 30).
وينكشف بذلك أن صفة العفو والمغفرة منه تعالى كصفتي الرحمة والهداية تتعلق بالأمور التكوينية والتشريعية جميعا فهو تعالى يعفو عن الذنوب والمعاصي فيمحوها من صحيفة الأعمال، ويعفو عن الحكم الذي له مقتض يقتضى وضعه فيمحوه فلا يشرعه، ويعفو عن البلايا والمصائب وأسبابها قائمة فيمحوها فلا تصيب الانسان.
6 - رابطة العمل والجزاء: قد عرفنا فيما تقدم من البحث أن الأوامر والنواهي العقلائية - القوانين الدائرة بينهم - تستعقب آثارا جميلة حسنة على امتثالها وهى الثواب، وآثارا سيئة على مخالفتها والتمرد منها تسمى عقابا، وأن ذلك كالحيلة يحتالون بها إلى العمل بها، فجعلهم الجزاء الحسن للامتثال إنما هو ليكون مشوقا للعامل، والجزاء السيئ على المخالفة ليكون العامل على خوف وحذر من التمرد.
ومن هنا يظهر أن الرابطة بين العمل والجزاء رابطة جعلية وضعية من المجتمع أو من ولى الامر، دعاهم إلى هذا الجعل حاجتهم الشديدة إلى العمل ليستفيدوا منه ويرفعوا به الحاجة ويسدوا به الخلة، ولذلك تراهم إذا استغنوا وارتفعت حاجتهم إلى العمل ساهلوا في الوفاء على ما تعهدوا به من ثواب وعقاب.
ولذلك أيضا ترى الجزاء يختلف كثرة وقلة والاجر يتفاوت شدة وضعفا باختلاف الحاجة إلى العمل فكلما زادت الحاجة زاد الاجر وكلما نقصت نقص، فالامر والمأمور والمكلف والمكلف بمنزلة البائع والمشترى كل منهما يعطى شيئا ويأخذ شيئا.
والاجر والثواب بمنزلة الثمن، والعقاب بمنزلة الدرك على من أتلف شيئا فضمن قيمته واستقرت في ذمته.
وبالجملة فهو أمر وضعي اعتباري نظير سائر العناوين والاحكام والموازين الاجتماعية التي يدور عليها رحى الاجتماع الانساني كالرئاسة والمرؤوسية والامر والنهى والطاعة والمعصية والوجوب والحرمة والملك والمال والبيع والشراء وغير ذلك، وإنما الحقائق
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376