مستحق للعقاب فلا يصح أن يطلق عليه هذا اللفظ، وفيه أنه لا يصح تخصيص المؤمنين بالذكر فليكن مثل قوله تعالى: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (الأعراف: 32)، وقوله: " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا " (الانعام: 145) حيث لم يذكر في الخطاب مؤمن ولا كافر، أو مثل قوله: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى - إلى قوله - إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (الحجرات: 13) حيث وجه الخطاب إلى الناس الشامل للمؤمن والكافر.
وذكر بعضهم: أن الكافر قد سد على نفسه طريق معرفة التحريم والتحليل فلذلك خص المؤمن بالذكر، وفيه ما في سابقه من الاشكال مع أنه لا يرفع الاشكال الناشئ من قوله: " إذا ما اتقوا " (إلخ).
فالذي ينبغي أن يقال: إن الآية في معنى الآيات السابقة عليها على ما هو ظاهر اتصالها بها، وهى متعرضة لحال من ابتلى من المسلمين بشرب الخمر وطعمها، أو بالطعم لشئ منها أو مما اقتناه بالميسر أو من ذبيحة الأنصاب كأنهم سألوا بعد نزول التحريم الصريح عن حال من ابتلى بشرب الخمر، أو بها وبغيرها مما ذكره الله تعالى في الآية قبل نزول التحريم من إخوانهم الماضين أو الباقين المسلمين لله سبحانه في حكمه.
فأجيب عن سؤالهم ان ليس عليهم جناح إن كانوا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات إن كانوا جارين على صراط التقوى بالايمان بالله والعمل الصالح ثم الايمان بكل حكم نازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم الاحسان بالعمل على طبق الحكم النازل.
وبذلك يتبين أن المراد بالموصول في قوله: " فيما طعموا " هو الخمر من حيث شربها أو جميع ما ذكر من الخمر والميسر والأنصاب والأزلام من حيث ما يصح أن يتعلق بها من معنى الطعم، والمعنى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما ذاقوه قبل نزول التحريم من خمر أو منها ومن غيرها من المحرمات المذكورة.
وأما قوله: " إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا " فظاهر قوله: " إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات " أنه إعادة لنفس الموضوع المذكور في قوله: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح " للدلالة على