الانسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا، إلا المصلين " الآيات (المعارج: 22)، وقوله: " أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " (العنكبوت: 45)، وقال تعالى:
" فاسعوا إلى ذكر الله " (الجمعة: 9)، يريد به الصلاة وقال: " وأقم الصلاة لذكرى " (طه: 14)، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد ذكر سبحانه أولا ذكره وقدمه على الصلاة لأنها هي البغية الوحيدة من الدعوة الإلهية، وهو الروح الحية في جثمان العبودية، والخميرة لسعادة الدنيا والآخرة، يدل على ذلك قوله تعالى لادم أول يوم شرع فيه الدين: " قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى " (طه: 124)، وقوله تعالى: " ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل، قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا " (الفرقان: 18)، وقوله تعالى: " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم " (النجم: 30).
فالذكر في الآيات إنما هو ما يقابل نسيان جانب الربوبية المستتبع لنسيان العبودية وهو السلوك الديني الذي لا سبيل إلى إسعاد النفس بدونه قال تعالى: " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم " (الحشر: 19).
وأما قوله تعالى: " فهل أنتم منتهون " فهو استفهام توبيخي فيه دلالة ما على أن المسلمين لم يكونوا ينتهون عن المناهى السابقة على هذا النهى، والآية أعني قوله: " إنما يريد الشيطان أن يوقع، الخ " كالتفسير يفسر بها قوله: " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " أي إن النفع الذي فرض فيهما مع الاثم ليس بحيث يمكن أن يفرز أحيانا من الاثم أو من الاثم الغالب عليه كالكذب الذي فيه إثم ونفع، وربما أفرز نفعه من إثمه كالكذب لمصلحة إصلاح ذات البين.
وذلك لمكان الحصر في قوله: " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء، الخ " بعد قوله: " رجس من عمل الشيطان فالمعنى أنها لا تقع إلا رجسا