ان يقوله لولا أن الله تعالى قاله نيابة وتعليما لما ينبغي الثناء به.
وقوله تعالى: رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اه (وقرا الأكثر ملك يوم الدين) فالرب هو المالك الذي يدبر أمر مملوكه، ففيه معنى الملك، ومعنى الملك (الذي عندنا في ظرف الاجتماع) هو نوع خاص من الاختصاص وهو نوع قيام شئ بشئ يوجب صحة التصرفات فيه، فقولنا العين الفلانية ملكنا معناه: ان لها نوعا من القيام والاختصاص بنا يصح معه تصرفاتنا فيها ولولا ذلك لم تصح تلك التصرفات وهذا في الاجتماع معنى وضعي اعتباري غير حقيقي وهو مأخوذ من معنى آخر حقيقي نسميه أيضا ملكا، وهو نحو قيام اجزاء وجودنا وقوانا بنا فان لنا بصرا وسمعا ويدا ورجلا، ومعنى هذا الملك انها في وجودها قائمة بوجودنا غير مستقلة دوننا بل مستقلة باستقلالنا ولنا ان نتصرف فيها كيف شئنا وهذا هو الملك الحقيقي. والذي يمكن انتسابه إليه تعالى بحسب الحقيقة هو حقيقة الملك دون الملك الاعتباري الذي يبطل ببطلان الاعتبار والوضع، ومن المعلوم ان الملك الحقيقي لا ينفك عن التدبير فان الشئ إذا افتقر في وجوده إلى شئ فلم يستقل عنه في وجوده لم يستقل عنه في آثار وجوده، فهو تعالى رب لما سواه لان الرب هو المالك المدبر وهو تعالى كذلك.
واما العالمين: فهو جمع العالم بفتح اللام بمعنى ما يعلم به كالقالب والخاتم والطابع بمعنى ما يقلب به وما يختم به، وما يطبع به يطلق على جميع الموجودات وعلى كل نوع مؤلف الافراد والاجزاء منها كعالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الانسان وعلى كل صنف مجتمع الافراد أيضا كعالم العرب وعالم العجم وهذا المعنى هو الأنسب لما يؤل إليه عد هذه الأسماء الحسنى حتى ينتهي إلى قوله مالك يوم الدين على أن يكون الدين وهو الجزاء يوم القيمة مختصا بالانسان أو الإنس والجن فيكون المراد بالعالمين عوالم الإنس والجن وجماعاتهم ويؤيده ورود هذا اللفظ بهذه العناية في القرآن كقوله تعالى (واصطفاك على نساء العالمين) آل عمران - 42. وقوله تعالى: (ليكون للعالمين نذيرا) فرقان - 1، وقوله تعالى: (أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من