وجاهر، وإن مبغضك رجل كافر ". ومن الغريب أنه توهم أن المشابهة في السجع بين الكلامين تقتضي مشاركتهما في البلاغة، ولم يلتفت إلى أن إعطاء الجواهر لا تترتب عليه إقامة الصلاة والمجاهرة بها. وأن لله على عبده نعما عظيمة هي أشرف وأعظم من نعمة المال، كنعمة الحياة والعقل والايمان، فكيف يكون السبب الموجب للصلاة لله هو إعطاء المال دون تلك النعم العظيمة؟! ولكن الذي يستأجر بالمال للتبشير يكون المال قبلته التي يصلي إليها، وهدفه الذي يسعى إلى تحصيله، وغايته التي يقدمها على كل غاية " وكل إناء بالذي فيه ينضح ".
ولسائل أن يسأل هذا الكاتب عن معنى كلمة " الجواهر " التي جاء بها معرفة بالألف واللام، فإن أراد بها جواهر معينة فليست في اللفظ قرينة تعين هذه الجواهر المقصودة، وإن أراد بها جميع الجواهر الموجودة في العالم من حيث أن الجمع المعرف بالألف واللام يدل على الاستغراق فهو كذب صريح. وما هو وجه المناسبة بين الجملتين السابقتين وبين قوله: " ولا تعتمد قول ساحر ". وما هو المراد من لفظ ساحر، ومن قوله الذي لا يعتمد عليه؟ فإن أراد به ساحرا معينا، وقولا مخصوصا من أقواله، كان عليه أن ينصب قرينة على هذا التعيين. وليس في جملته هذا ما يصلح للدلالة عليه، وإن أراد به كل قول لكل ساحر لأنهما نكرتان في سياق النهي لزوم اللغو في هذا الكلام، لأنه لا يوجد سبب معقول لعدم الاعتماد على قول كل ساحر، ولو كان هذا القول في الأمور الاعتيادية مع الاطمئنان بقوله. وإن أراد أن لا يعتمد قول الساحر بما هو ساحر فهو غلط، لان الساحر من حيث هو ساحر لا قول له، وإنما يسحر الناس ويفسد عليهم حالهم بحيله وأعماله.
وأما سورة الكوثر فقد نزلت في من شنا رسول الله - ص - فقال: إنه أبتر وسيموت وينقطع دينه واسمه، وقد أشار إلى ذلك بقوله تعالى:
" أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون 52: 30 ".