فأنزل الله تبارك وتعالى:
" إنا أعطيناك الكوثر 108: 1 ".
وهو الخير الكثير من جميع الجهات. أما في الدنيا فشرف الرسالة، وهداية الخلق وزعامة المسلمين، وكثرة الأنصار، والنصر على الأعداء. وكثرة الذرية - من بضعته الصديقة الطاهرة - التي توجب بقاء اسمه ما دامت لدنيا باقية.
وأما في الآخرة فالشفاعة الكبرى، والجنان العالية، والحوض الذي لا يشرب منه إلا هو وأولياؤه إلى ما سوى ذلك من نعم الله عليه.
" فصل لربك وانحر: 2 ".
شكرا له على هذه النعم، والمراد بالنحر: النحر بمنى، أو نحر الأضحية في الأضحى، أو رفع اليدين إلى النحر في تكبير الصلاة، أو استقبال القبلة بالنحر، والاعتدال في القيام، وجميع ذلك يناسب المقام لأنه نحو من الشكر لتلك النعم. وقد أنزل الله سبحانه:
" إن شانئك هو الأبتر: 3 ".
فلا يبقى له اسم ولا رسم، فكانت العاقبة لهؤلاء الشانئين ما أخبر الله عنهم، فلم يبق لهم اسم ولا ذكر خير في الدنيا زيادة على جزائهم في الآخرة من العذاب الأليم، والخزي الدائم. وهل تقاس هذه السورة المباركة في معانيها السامية، وبلاغتها الكاملة بتلك الجمل الساقطة التي أجهد هذا الكاتب بها نفسه فقلد القرآن في نحوه تركيبه، وأخذ من مسيلمة الكذاب ألفاظها وأسلوبها، وأتى بها كما شاء له العناد، بل كما شاء له الجهل الفاحش ليعارض بها عظمة القرآن في بلاغته وإعجازه؟!