وأما غيره فلا يخلو عن نقيصة ذاتية بل نقائص، فأفعاله لا محالة تكون كذلك. والفعل الحسن المحض يختص به سبحانه، ويمتنع صدوره من سواه، فهو المختص بالحمد ويمتنع أن يستحقه أحد سواه. وقد أشير إلى هذا بقوله:
" الحمد لله " فقد عرفت أن كلمة " الله " علم للذات المقدسة المستجمعة لجميع صفات الكمال. وقد ورد عن الصادق عليه السلام أنه قال: " فقد لأبي بغلة فقال:
لئن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن جئ بها بسرجها ولجامها، ولما استوى وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال: الحمد لله، ولم يزد، ثم قال: ما تركت ولا أبقيت شيئا جعلت جميع أنواع المحامد لله عز وجل فما من حمد إلا وهو داخل فيما قلت " (1). وعنه - سلام الله عليه -: " ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال: الحمد لله، إلا أدى شكرها " (2).
الأمر الثاني:
إن الكمال الأول لكل ممكن من العقول والنفوس والأرواح والأشباح إنما هو وجوده ولا ريب في أنه فعل الله سبحانه وهو مبدعة وموجده. وأما الكمال الثاني وهي الأمور التي توجب الفضل والميز، فما كان منه خارجا عن اختيار المخلوق فهو أيضا من أفعال الله تعالى بلا ريب. وذلك كما في نمو النبات وإدراك الحيوان منافعه ومضاره، وقدرة الانسان على بيان مقاصده. وما كان منه صادرا عن المخلوقين باختيارهم، فهي وإن كانت اختيارية إلا أنها منتهية إلى الله سبحانه، فإنه الموفق للصواب، والهادي إلى الرشاد. وقد ورد: " إن الله أولى بحسنات العبد منه " (3) وقد أشير إلى ذلك بجملة " رب العالمين ".
الأمر الثالث:
إن الفعل الحسن الصادر من الله تعالى لا يرجع نفعه إليه، لأنه الكامل المطلق