ومن الواضح: أن الحكم يسقط عند حصول غايته، ويتخير ولي الأمر في تلك الحال بين استرقاق الأسير، وبين مفاداته، والمن عليه من غير فداء، من غير فرق في ذلك بين المشرك وغيره من فرق الكفار، وقد ادعي الاجماع على ما ذكرناه من الاحكام، والمخالف فيها شاذ لا يعبأ بخلافه، " وسيظهر ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى ".
وهذا الذي ذكروه يوافق ظاهر الآية الكريمة من جميع الجهات إذا كان شد الوثاق هو الاسترقاق، باعتبار أن معنى شد الوثاق هو عزله عن الاستقلال ما لم يمن عليه أو يفاد، وأما إذا لم يكن شد الوثاق بمعنى الاسترقاق، فلا بد من إضافة الاسترقاق إلى المفاداة والمن للعلم بجوازه من أدلة أخرى، فيكون ذلك تقييدا لاطلاق الآية بالدليل.
وقد وردت الأحكام المذكورة فيما رواه الكليني، والشيخ الطوسي بإسنادهما عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" سمعته يقول كان أبي يقول إن للحرب حكمين: إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها، ولم يثخن أهلها، فكل أسير أخذ في تلك الحال فإن الامام فيه بالخيار إن شاء ضرب عنقه، وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم، وتركه يتشحط في دمه حتى يموت وهو قول الله تعالى:
" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم 5: 33 ".
ألا ترى أنه التخيير الذي خير الله الامام على شئ واحد وهو الكفر وليس