أن هذا القول، يتوقف على إثبات تأخر هذه الآية في النزول عن آيات السيف، ولا يمكن هذا القائل إثبات ذلك، على أنا قد أوضحنا - فيما تقدم - أنه لا موجب للالتزام بالنسخ، تأخرت الآية في النزول عن آيات السيف، أم تقدمت عليها.
4 - ومنهم من قال: " إن الامام مخير في كل حال بين القتل والاسترقاق والمفاداة والمن "، رواه أبو طلحة عن ابن عباس، واختاره كثير: منهم ابن عمر، والحسن، وعطاء، وهو مذهب مالك، والشافعي، والثوري، والأوزاعي وأبي عبيد، وغيرهم. وعلى هذا القول فلا نسخ في الآية (1) قال النحاس بعدما ذكر هذا القول: " وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما، وهو قول حسن لان النسخ إنما يكون بشئ قاطع، فأما إذا أمكن العمل بالآيتين، فلا معنى في القول بالنسخ.. وهذا القول يروى عن أهل المدينة، والشافعي، وأبي عبيد " (2).
ويرده:
أن هذا القول وإن لم يستلزم نسخا في الآية، إلا أنه باطل أيضا، لان الآية الكريمة صريحة في أن المن والفداء إنما هما بعد الاثخان فالقول بثبوتهما - قبل ذلك - قول بخلاف القرآن، والامر بالقتل في الآية مغيا بالاثخان فالقول بثبوت القتل بعده قول بخلاف القرآن أيضا، وقد سمعت أن آيات السيف مقيدة بهذه الآية.
وأما ما استدل به على هذا القول من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قتل بعض الأسارى وفادى بعضا، ومن على آخرين، فهذه الرواية - على فرض صحتها - لا دلالة لها على التخيير بين القتل وغيره، لجواز أن يكون قتله للأسير قبل الاثخان