وزعم أنه ليس للامام إذا حصل الأسير في يديه أن يقتله، لكنه بالخيار في ثلاثة منازل:
إما أن يمن، أو يفادي، أو يسترق.
الرابع - قول سعيد بن جبير: لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الاثخان والقتل بالسيف، لقوله تعالى: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " (1) [الأنفال: 67]. فإذا أسر بعد ذلك فللامام أن يحكم بما رآه من قتل أو غيره.
الخامس - أن الآية محكمة، والامام مخير في كل حال، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقاله كثير من العلماء منهم ابن عمر والحسن وعطاء، وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم. وهو الاختيار، لان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فعلوا كل ذلك، قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر صبرا، وفادى سائر أسارى بدر، ومن على ثمامة بن أثال الحنفي وهو أسير في يده، وأخذ من سلمة بن الأكوع جارية ففدى بها أناسا من المسلمين، وهبط عليه عليه السلام قوم من أهل مكة فأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن عليهم، وقد من على سبي هوازن. وهذا كله ثابت في الصحيح، وقد مضى جميعه في (الأنفال) (2) وغيرها. قال النحاس: وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما، وهو قول حسن، لان النسخ إنما يكون لشئ قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ، إذا كان يجوز أن يقع التعبد إذا لقينا الذين كفروا قتلناهم، فإذا كان الأسر جاز القتل والاسترقاق والمفاداة والمن، على ما فيه الصلاح للمسلمين. وهذا القول يروى عن أهل المدينة والشافعي وأبي عبيد، وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبي حنيفة، والمشهور عنه ما قدمناه، وبالله عز وجل التوفيق.
الرابعة - قوله تعالى: " حتى تضع الحرب أوزارها " قال مجاهد وابن جبير:
هو خروج عيسى عليه السلام. وعن مجاهد أيضا: أن المعنى حتى لا يكون دين إلا دين الاسلام، فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة، وتأمن الشاة من الذئب. ونحوه