تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٦٣٠
ثم أتى بابل فبنى بها مدينة وأقام وحفر بئرا فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة (1) فجعلت اللبوة يأكل طين البئر ويشرب دانيال لبنها فلبث بذلك زمانا، فأوحى الله إلى النبي الذي كان في بيت المقدس أن أذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال واقرأه مني السلام، قال: وأين هو يا رب؟ قال: هو في بئر بابل في موضع كذا وكذا قال: فأتاه فاطلع في البئر فقال: يا دانيال قال: لبيك صوت غريب؟ قال: إن ربك يقرئك السلام وقد بعث إليك بالطعام والشراب، فدلاه إليه قال: فقال دانيال: الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه، الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد لله الذي يجزي بالاحسان إحسانا، الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، الحمد لله الذي يكشف ضرنا (حزننا) عند كربتنا، الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل، الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا.
قال: فاؤري بخت نصر في نومه كأن رأسه من حديد ورجليه من نحاس وصدره من ذهب، قال: فدعى المنجمين فقال لهم: ما رأيت؟ قالوا: ما ندري ولكن قص علينا ما رأيت، فقال: أنا أجري عليكم الأرزاق منذ كذا وكذا ولا تدرون ما رأيت في المنام، فأمر بهم فقتلوا، قال: فقال له بعض من كان عنده، إن كان عند أحد شئ فعند صاحب الجب فإن اللبوة لم تعرض له وهي تأكل الطين وترضعه، فبعث إلى دانيال فقال: ما رأيت في المنام؟ قال: رأيت كان رأسك من حديد ورجليك من نحاس وصدرك من ذهب، قال: هكذا رأيت، فما ذاك؟
قال: قد ذهب ملكك، وأنت مقتول إلى ثلاثة أيام، يقتلك رجل من ولد فارس، قال: فقال له: إن علي سبع مدائن على باب كل مدينة حرس، وما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة، لا يدخل غريب الا صاحت

(١) واللبوة بضم الباء: الأنثى من الأسود والهاء فيها لتأكيد التأنيث كما في ناقة، لأنها ليس لها مذكر حتى يكون الهاء فارقة وسكون الباء مع الهمزة وإبدالها واوا لغتان فيها (مجمع البحرين: ج ١، ص 371، في لغة لبا).
(٦٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 ... » »»
الفهرست