وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه (رحمه الله) في كتاب النبوة بإسناده مرفوعا إلى المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل:
" وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم (عليه السلام) من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم. فقلت: يا بن رسول الله فما يعني بقوله (فأتمهن)؟ فقال: أتمهن إلى القائم اثنى عشر إماما، تسعة من ولد الحسين (عليه السلام). قال المفضل: فقلت له: يا بن رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل " وجعلها كلمة باقية في عقبه " قال: يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة، فقلت له:
يا بن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن، وهما جميعا ولدا رسول الله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: إن موسى وهارون نبيان مرسلان أخوان، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لاحد أن يقول: لم فعل الله ذلك؟ وإن الإمامة خلافة الله عز وجل ليس لأحد أن يقول: لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟ لان الله عز وجل هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (1).
فأتمهن: فأداهن كملا، وقام بهن حق القيام. وفي القراءة الأخيرة، الضمير المستتر لربه، أي أعطاه جميع ما سأل.
قال إني جاعلك للناس إماما: جملة مستأنفة إن اضمر ناصب (إذ) والتقدير: فماذا قال ربه حين أتمهن، فأجيب بأنه قال إني الخ. أو بيان للابتلاء، فيكون الكلمات ما ذكره من الإمامة وتطهير البيت وغير ذلك. وإن كان ناصبة (قال) فالمجموع جملة معطوفة على ما قبلها.
وجاعل: من جعل المتعدي إلى مفعولين.
والامام: اسم لمن يؤتم به في أقواله وأفعاله، ويقوم بتدبير الإمامة، وسياستها،