[وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (124)] والثالث: أنه لما ذكر التوراة وفيها الدلالة على شأن عيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله) في النبوة والبشارة بهما، ذكرهم نعمته عليهم بذلك وما فضلهم به كما عدد النعم في سورة الرحمن، وكرر بقوله: " فبأي آلاء ربكما تكذبان "، فكل تقريع جاء بعد تقريع فإنما هو موصول بتذكير نعمة غير الأولى.
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات: كلفه بأوامر ونواه.
والابتداء في الأصل التكليف بالامر الشاق، من البلاء، لكنه لما استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل العواقب، ظن ترادفهما، والضمير لإبراهيم، وحسن لتقدمه لفظا، وإن تأخر رتبة، لان الشرط أحد التقدمين.
والكلمات قد تطلق على المعاني، فلذلك فسرت بالخصال الثلاثين المحمودة المذكورة، عشرة منها في قوله: التائبون العابدون " (1)، وعشرة في قوله: " إن المسلمين " (2) إلى آخر الآيتين، وعشرة في قوله: " قد أفلح المؤمنون "، إلى قوله:
" هم الوارثون " (3). وروي عشرة في سورة سأل سائل إلى قوله: " والذين هم على صلواتهم يحافظون " (4) فجعلت أربعين.
وبالعشر التي هي من سنته: خمسة منها في الرأس، وخمسة منها في البدن. فأما التي في الرأس: فأخذ الشارب، وإعفاء اللحى، وطم الشعر، والسواك،