تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣٣١
وقرئ إبراهيم ربه، على أنه دعا ربه بكلمات، مثل (أرني كيف تحيي الموتى) (اجعل هذا البلد آمنا) ليرى هل يجيبه؟

وعشر في الأحزاب: " إن المسلمين والمسلمات ". إلى آخرها. وعشر في سورة المؤمنين: " قد أفلح المؤمنون " إلى قوله: " أولئك هم الوارثون " وروي وعشر في سورة سأل سائل إلى قوله: " والذين هم على صلاتهم يحافظون " فجعلها أربعين، وفي رواية ثالثة عن ابن عباس: إنه أمره بمناسك الحج.
وقال الحسن: ابتلاه الله بالكوكب والقمر والشمس والختان وبذبح ابنه وبالنار وبالهجرة، فكلهن وفى الله فيهن.
وقال مجاهد: ابتلاه الله بالآيات التي بعدها، وهي قوله: " إني جاعلك للناس إماما " إلى آخر القصة.
وقال أبو علي الجبائي: أراد بذلك كل ما كلفه من الطاعات العقلية والشرعية.
والآية محتملة لجميع هذه الأقاويل التي ذكرناها.
وكان سعيد بن المسيب يقول: كان إبراهيم أول الناس أضاف الضيف، وأول الناس اختتن، و أول الناس قص شاربه واستحد (*) وأول الناس رأى الشيب فلما رآه قال: يا رب ما هذا؟ قال: هذا الوقار، قال يا رب: فزدني وقارا. وهذا أيضا قد رواه السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ولم يذكر أول من قص شاربه واستحد وزاد فيه: وأول من قاتل في سبيل الله إبراهيم، وأول من أخرج الخمس إبراهيم، وأول من اتخذ النعلين إبراهيم، وأول من اتخذ الرايات إبراهيم.
وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمه الله في كتاب النبوة باسناده مرفوعا إلى المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات " ما هذه الكلمات قال هي الكلمات التي تلقاها آدم (عليه السلام) من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال يا رب: أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم، فقلت له: يا بن رسول الله فما يعني بقوله: فأتمهن قال: أتمهن إلى القائم اثنى عشر إماما تسعة من ولد الحسين (عليه السلام)، قال المفضل: فقلت له: يا بن رسول الله فأخبرني عن كلمة الله عز وجل " وجعلها كلمة باقية في عقبه " قال: يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة، فقلت له: يا بن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون الحسن (عليهما السلام)، وهما جميعا ولدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: إن موسى وهارون نبيان مرسلان أخوان، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لاحد أن يقول: لم فعل الله ذلك؟
وإن الإمامة خلافة الله عز وجل ليس لأحد أن يقول: لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟
لان الله عز وجل هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون. إلى آخره.
* الاستحداد: الاحتلاق بالحديد، لسان العرب، ج 3، ص 141، في لغة (حدد)
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست