[وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشبهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون (118)] مادته عنه، والله سبحانه مبدع الأشياء كلها، فاعل على الاطلاق، منزه عن الانفعال، فلا يكون والدا.
وهذا التقرير يصح على التقديرين، لان كونه تعالى مبدعا يلزمه كون مخلوقه بديعا، وبالعكس.
والابداع اختراع الشئ لا عن شئ دفعة، وهو الأليق بهذا الموضع من الصنع الذي هو تركيب الصورة بالعنصر والتكوين الذي يتغير، وفي زمان غالبا.
وقرئ بديع مجرورا على البدل من الضمير في (له) ومنصوبا على المدح.
وإذا قضى أمرا: أراد إحداث أمر.
فإنما يقول له كن فيكون: من كان التامة، أي أحدث فيحدث، وليس المراد حقيقة أمر وامتثال، بل حصول ما تعلقت به إرادته بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع بلا توقف.
وفيه تقرير لمعنى الابداع، وإيماء إلى دليل آخر: وهو أن اتخاذ الولد مما يكون بأطوار وفعله تعالى مستغن عن ذلك.
قيل: كان سبب ضلالتهم أن أرباب الشرائع المتقدمة كانوا يطلقون الأب على الله تعالى، باعتبار أنه السبب حين قالوا: إن الأب هو الرب الأصغر، والله سبحانه وتعالى هو الأب الأكبر، ثم ظنت الجهلة منهم أن المراد به معنى الولادة فاعتقدوا ذلك تقليدا، ولذلك كفر قائله ومنع منه مطلقا حسما لمادة الفاسد.
وقال الذين لا يعلمون: أي جهلة المشركين، أو المتجاهلون من أهل الكتاب،