تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٩١
وإن يأتوكم أسرى تفدوهم: روي أن قريظة من اليهود كانوا حلفاء الأوس من المشركين، والنظير من اليهود كانوا حلفاء الخزرج من المشركين، وكانت قريظة والنظير أخوين، كالأوس والخزرج فافترقوا، فكانت الخزرج مع النظير و قريظة مع الأوس، فإذا اقتتل الحلفاء عاون كل فريق حلفاءه في القتل وتخريب الديار وإجلاء أهلها، وإذا أسر أحد من الفريقين جمعوا الاسراء حتى يفدوهم بمثلهم ممن أسره الفريق الآخر منهم، تصديقا لما في التوراة، فالأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نار، ولا قيامة ولا كتابا، فأنب الله اليهود بما فعلوه من مخالفة التوراة في القتل والاجلاء والموافقة في المفاداة.
وقيل: معناه: وإن يأتوكم أسارى في أيدي الشياطين تتصدون لانقاذهم بالارشاد والوعظ مع تضييعكم أنفسكم، كقوله تعالى: " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " (1).
والأول أقرب بحسب اللفظ وسياق الكلام.
وقرأ حمزة أسرى (2)، وهو جمع أسير، كجريح وجرحى، وأسارى جمعه كسكرى والسكارى.
وقيل: هو أيضا جمع أسير، وكأنه شبه بالكسلان وجمع جمعه، ووجه الشبه أن كلا منهما محبوس عن كثير من تصرفه.
وقيل الأسارى الذين هم في الوثاق، والاسرى الذين هم في اليد، وإن لم يكونوا في الوثاق، وقرئ (تفدوهم).
وهو محرم عليكم إخراجهم: متعلق بقوله: " وتخرجون فريقا منكم من ديارهم " تعلق الحال بعاملها أو صاحبها.
والنكتة في إعادة تحريم الاخراج - وقد أفاده " لا تخرجون أنفسكم " بأبلغ وجه، وفي تخصيص تحريم الاخراج بالإعادة دون القتل - أنهم انقادوا حكما في باب

(1) سورة البقرة: الآية 44.
(2) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 152.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست