[وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون (84)] وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة: يريد بهما ما فرض عليهم في ملتهم.
ثم توليتم إلا قليلا منكم: يريد به من أقام اليهودية على وجهها، ومن أسلم منهم.
وأنتم معرضون: أي عادتكم الاعراض عن الوفاء والطاعة.
وفي هذه الآية دلالة على ترتيب الحقوق، فبدأ الله سبحانه بذكر حقه، وقدمه على كل حق، لأنه المنعم بأصول النعم، ثم ثنى بحق الوالدين وخصهما بالمزية لكونهما سببا للوجود وانعامهما بالتربية، ثم ذكر ذوي القربى لأنهم أقرب إلى المكلف من غيرهم، ثم ذكر حق اليتامى لضعفهم، والفقراء لفقرهم.
وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم: على نحو ما سبق، والسفك:
الصب.
ولا تخرجون أنفسكم من دياركم: والمراد به أن لا يتعرض بعضهم بعضا بالقتل والاجلاء عن الوطن، وجعل قتل الرجل غيره، قتل نفسه، لاتصاله به نسبا، أو دينا، أو لأنه يوجبه قصاصا.
وقيل: المراد به أن لا ترتكبوا ما تبيح سفك دمائكم، وإخراجكم من دياركم.
وقيل: لا تفعلوا ما يصرفكم عن الحياة الأبدية، فإنه القتل في الحقيقة، ولا تقترفوا ما يمنعكم عن الجنة التي هي داركم، فإنه الجلاء الحقيقي.
ثم أقررتم: بالميثاق واعترفتم بلزومه.
وأنتم تشهدون: توكيد، كقولك: أقر فلان شاهدا على نفسه.