تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
بضرب المثل، فطلبوا بلسان الاستعداد أن يوجد فيهم صفة الضلال به، فوجد فيهم فأنكروه وانتهزوا به.
أقول: يحتمل أن يكون قوله: يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا، مقول قول الكافرين، فحينئذ لا حاجة في إسناد الضلال إلى الله إلى هذه التوجيهات.
يدل على ذلك ما رواه علي بن إبراهيم، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فالبعوضة أمير المؤمنين (عليه السلام) وما فوقها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والدليل على ذلك قوله تعالى: " فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم " يعنى أمير المؤمنين (عليه السلام) كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الميثاق عليهم له، " وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا " فرد الله عليهم فقال: " وما يضل به إلا الفاسقين ". إلى آخر الآية (1).
والمراد من قوله (عليه السلام): إن هذا لمثل ضربه الله لأمير المؤمنين، أنه يصير مصداق البعوضة المذكورة في الآية أمير المؤمنين، لا أن المثل بالبعوضة وقع له، ومن قوله: " فالبعوضة أمير المؤمنين " أنه مع عظمته بالنسبة إلى جبروته تعالى، ليست له عظمة، وأنه بالنسبة إليه تعالى كالبعوضة بالنسبة إلى المخلوقين.
يدل على ذلك ما روي في التفسير المنسوب إلى مولانا العسكري (عليه السلام)، من أنه قيل للباقر (عليه السلام): إن بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أن البعوضة علي وأن ما فوقها وهو الذباب محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال الباقر (عليه السلام): سمع هؤلاء شيئا لم يضعوه على وجهه، إنما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قاعدا ذات يوم وعلي (عليه السلام) إذ سمع قائلا يقول: ما شاء الله ثم

(١) تفسير القمي: ج ١، ص ٣٤، والبرهان: ج ١، ص 70. وتمام الحديث (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه في علي ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل يعني من صلة أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام)، ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون).
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست