تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
إياهم عما نهاهم من معصيته في الشرائع المتقدمة، وميثاقه شريعة نبينا (صلى الله عليه وآله)، ونقضهم: إعراضهم عما وصاهم الله به وثقه، أو هو ما عهده إلى من أوتي الكتاب أن يبينوا نبوة محمد ولا يكتموا أمره، وميثاقه الآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة الدالة على نبوته (عليه السلام)، ونقضهم كتمان أمره وإنكار نبوته.
والآية على هذا في أحبار اليهود.
وضعف الشيخ الطبرسي الوجه الثاني. بأن الله تعالى لا يحتج على عباده بعهد لا يذكرونه ولا يعرفونه ولا يكون عليه دليل (1).
وزيف تضعيفه العلامة السبزواري: بأن مفاد الآية، أن هؤلاء من الفاسقين والخاسرين بلا احتجاج عليهم بفعلهم، هذا كما إذا قيل: ولد الزنا لا يدخل الجنة، لا يحتج عليه بفعل قبيح صدر عنه، وهو كون تولده من الزنا، بل المقصود أنه تصدر عنه أفعال اختيارية موجبة لخلود النار.
وأقول: مبنى كلام الشيخ أن مفهوم الآية، أن الله ذمهم بنقض العهد بعد الميثاق، وإذا كان العهد عبارة عما ذكر، كان الاحتجاج عليهم بعهد لا يذكرونه ولا يعرفونه، والظاهر أنه لا يرد على ذلك ما أورده العلامة، وإنما يرد عليه لو كان مراده أن التعليل يفهم من ترتب الحكم على الوصف، وليس كذلك.
ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل: محل (أن يوصل) الجر على البدلية من الضمير، وحينئذ (ما) في ما أمر الله به أن يوصل، إما موصولة أو موصوفة، أو منصوبة على البدلية مما أمر الله به، فكلمة (ما) موصوفة، لان النكرة لا تبدل عن المعرفة إلا إذا كانت مخصصة، نحو " بالناصية ناصية كاذبة " (2) والأول أحسن لقرب المبدل منه، ولان القطع يقع على المتصل، لا على الوصل.
قيل: ولاحتياج الثاني إلى تقدير مضاف، أي يقطعون، وصل ما أمر الله به أن

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 70.
(2) سورة العلق: الآية 15 - 16.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست