تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
والفاسق في الشرع: الخارج عن أمر الله بارتكاب الكبيرة، ومن الكبائر الاصرار على الصغيرة، فلا حاجة إلى ذكره.
وله ثلاث مراتب:
أولها: التغابي، وهو أن يرتكبها أحيانا مستقبحا إياها.
ثانيتها: الانهماك، وهو أن يعتاد ارتكابها غير مبال بها.
وهو في هاتين المرتبتين، مؤمن فاسق، لاتصافه بالتصديق الذي هو مسمى الايمان.
وثالثتها: أن يرتكبها مستصوبا إياها، فإذا شارف هذه المرتبة خلع ربقة الايمان عن عنقه ولابس الكفر.
والمراد به في الآية يحتمل أن يكون أعم، وأن يكون مخصوصا بالمعنى الأخير، لكنه أحسن.
والمراد به في قوله تعالى: " إن المنافقين هم الفاسقون " (1) هو المعنى الأخير.
وبهذا يندفع ما قاله البيضاوي: من أن المراد به الخارجون عن حد الايمان، لقوله تعالى: " إن المنافقين هم الفاسقون " (2).
والمعتزلة لما قالوا: الايمان عبارة عن مجموع التصديق والاقرار والعمل، والكفر تكذيب الحق وجحوده، جعلوه قسما ثالثا بين منزلتي المؤمن والكافر، لمشاركة كل واحد منهما في بعض الأحكام.
قال صاحب الكشاف: معنى كونه (بين بين) أن حكمه حكم المؤمن في أنه يناكح ويوارث ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين. وهو كالكافر في الذم واللعن والبراءة منه واعتقاد عداوته (3).
وحصر الاضلال فيهم مرتبا على الفسق، يدل على أنه الذي أعد لهم الاضلال

وغائرا وصف مؤكد - نقلا عن هامش تفسير الكشاف: ج ١، ص ١١٩.
(١) سورة التوبة: الآية ٦٧.
(٢) تفسير البيضاوي: ج ١، ص 41.
(3) الكشاف: ج 1، ص 119.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست