تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٠٢
بهذا مثلا: متعلق بأراد، والمشار إليه (بهذا) هو ما يرجع إليه الضمير في قوله (انه الحق).
ومثلا نصب على التمييز، كقولك لمن حمل سلاحا رديئا: كيف تنتفع بهذا سلاحا؟ عن نسبة التعجب والانكار إلى المشار إليه، إذ لا إبهام فيه هنا، لأنه المثل، أو يقال لمن تعدد المشار إليه بهذا بحسب الاحتمال غيره بقوله مثلا لتعيين ما هو المقصود، فلا يرد أنه لو كان هذا إشارة إلى المثل لصار المعنى ما أراد الله بالمثل مثلا، ولا يحتاج أن يجاب بأن المشار إليه هو الذات من وصف المثلية. وفي لفظ هذا استحقار و استرذال لشأنه، أو على الحالية من اسم الإشارة، والعامل فيه إما الفعل المذكور أو فعل التعجب والانكار المفهوم من الاستفهام، أو فعل الإشارة والتنبيه المفهومين من هذا، فحينئذ يكون ذو الحال الضمير المجرور في عليه أو إليه كما في قوله تعالى " هذه ناقة الله لكم آية " (1).
ولا يخفى أن في تفصيل هاتين الجملتين توضيحا لما ذكر من قبل من اختصاص المتقين بكون الكتاب هدى لهم دون غيرهم.
ويزيد في هذا التوضيح ما أردفهما به، أعني قوله: " يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا " يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا: جواب ماذا، أي إضلال كثير وإهداء كثير.
وضع الفعل موضع المصدر، لإرادة الحدوث والتجدد، أو بيان للجملتين المصدريتين بإما وتسجيل بأن العلم بكونه حقا هدى وبيان، وأن الجهل بوجه إيراده والانكار لحسن مودته ضلال وفسوق، وكثرة القبيلتين حقيقة، لا بالقياس إلى مقابلهم، فإن المهتدين قليلون بالنظر إلى أهل الضلال كما قال الله " وقليل من عبادي الشكور " (2) وقال (عليه السلام): كإبل مئة لا تجد فيها راحلة (3).

(1) سورة الأعراف: الآية 73.
(2) سورة سبأ: الآية 13.
(3) سند أحمد بن حنبل: ج 2، ص 7، ولفظه: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما الناس كإبل مئة لا يوجد فيها راحلة).
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست