تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢١٦
أقول: لا يخفى أن خلق ما في الأرض يستلزم خلقها، لان المراد به الأجسام المواليد والعناصر الثلاثة الباقية إن أريد بالأرض معناه الحقيقي، أو الأربعة إن أريد به جهة السفل، والظاهر أن وجود جميع ذلك لا يمكن إلا بعد وجود الأرض.
فسواهن: أي عدل خلقهن، وقومه، وأخلاه، من العوج والفطور.
وضمير (هن) إما راجع إلى السماء، إن فسرت بالاجرام، لأنه جمع أو في معنى الجمع، أو مبهم يفسره ما بعده كما في رجلا، وهو أولى لما فيه من التفسير بعد الابهام.
سبع سماوات: بدل أو تفسير، وعلى تقدير كون الضمير غير مبهم، بدل عن الضمير أو حال عنه، أو مفعول للتسوية على تقدير فسوى منهن سبع سماوات، من قبيل " واختار موسى قومه " (1) أو مفعول ثان لجعل على تضمين التسوية معنى الجعل، أو تجوزها عنه، لكن الأخير يفوت معنى التسوية.
فإن قلت: إن أصحاب الأرصاد أثبتوا تسعة أفلاك.
قلت: فيما ذكروه شكوك، وإن صح فليس في الآية نفي الزائد، مع أنه لو ضم إليه العرش والكرسي لم يبق خلاف.
قيل: فوجه التخصيص على هذا، أن السماوات على قسمين: قسم منها عنصري يشترك مع الأرض وما فيها في المادة عند المحققين، ويدل عليه الكتاب والسنة، وهو سبع تسمى عند أهل الشرع بالسماوات، وقسم منها طبيعي غير عنصري، وهو الباقيان منها المسميان بالعرش والكرسي، وعند غيرهم بالفلك الأطلس وفلك الثوابت، ولا تميز بينها عند غيرهم، لان الكل عندهم طبيعي غير عنصري وكأن التميز بينها بلسان أهل الشرع إنما وقع بناء على أن أحكام القيامة، كالطي، وتكوير الكواكب وانتشارها وغير ذلك مختص بالسماوات السبع، لا يتعداها إلى العرش والكرسي.
وهو بكل شئ عليم: اعتراض لبيان أن خلق السماوات على سبيل

(1) سورة الأعراف: الآية 155.
(٢١٦)
مفاتيح البحث: سورة الأعراف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست