وضرب المثل اعتماله من ضرب الخاتم، وأصله إيقاع شئ على شئ، كضرب الشئ باليد والعصا والسيف ونحوها، وضرب الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة، والضرب في الأرض: الذهاب فيها، وهو ضربها بالأرجل، وضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة، وضرب المثل هو من ضرب الدراهم، وهو ذكر شئ يظهر أثره في غيره، والاضطراب: كثرة الذهاب في الجهات من الضرب في الأرض.
و " مثلا " منصوب على أنه مفعول به ليضرب، و " بعوضة " بدل منه أو عطف بيان، أو مفعول ليضرب، ومثلا حال تقدمت لأنه نكرة، أو هما مفعولاه لتضمينه معنى الجعل، أو لتجوزه عنه، ويكون مثلا مفعوله الثاني لأنه المناسب بحسب المعنى.
وقرئ بعوضة بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف.
و (ما) هذه إبهامية تزيد للنكرة إبهاما وعموما تسد عنها طرق التقييد، فإما اسم يقع صفة للنكرة، فمعنى قوله (مثلا ما) مثلا أي مثل، وإما زائدة فتكون حرفا، لان زيادة الحرف أولى من زيادة الأسماء، لاستبدادها بالجزئية، وأيضا ثبت زيادتها في نحو " فبما رحمة من الله لنت لهم " (1) بالحمل على ما ثبت في موضع الالتباس.
وفائدة (ما) هذه إما التحقير نحو: هل أعطيت إلا عطية ما، أو التعظيم نحو:
لأمر ما يسود من يسود، أو التنويع نحو: اضربه ضربا ما، أي نوعا من أنواعه أيها كان، وتجتمع هذه المعاني كلها في الابهام، وتأكيد التنكير، أي عطية لا تعرف من حقارتها، وأمر مجهول العظمة، وضربا مجهولا غير معين. أو غير إبهامية، بل هي حرف زيدت لتأكيد معنى آخر غير التنكير والابهام، فهي هنا إما لتأكيد ضرب المثل، أو نفي الاستحياء، أي يضرب المثل البتة، أو لا يستحيي البتة، وإما موصولة وذلك بشرط أن تقرأ بعوضة مرفوعة وتجعل مع مبتدئها المحذوف صلة، وإما موصوفة والجملة صفة ومحلها النصب على البدلية أو الاختصاص، وإما استفهامية مرفوعة المحل على أنها مبتدأ وبعوضة خبرها، فإنه لما قال في رد استبعادهم ضرب الله