لك أنك عن الله جئتنا حتى يشهد لك هذا البساط. وقال أبو لبابة بن المنذر: لن نؤمن لك أنك رسول الله ولا نشهد لك به، حتى يؤمن لك ويشهد لك هذا السوط الذي في يدي. وقال كعب بن أشرف: لن نؤمن لك أنك رسول الله ولن نصدقك به، حتى يؤمن لك هذا الحمار الذي أركبه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ليس للعباد الاقتراح على الله، بل عليهم التسليم لله، والانقياد لامره والاكتفاء بما جعل كافيا، أما كفاكم أن التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم حكم بنبوتي ودل على صدقي، وبين فيها ذكر أخي ووصيي وخليفتي في أمتي وخير من أتركه على الخلائق من بعدي علي بن أبي طالب، وأنزل علي هذا القرآن الباهر للخلق أجمعين، المعجز لهم عن أن يأتوا بمثله وإن تكلفوا شبهه، وأما الذي اقترحتموه فلست أقترحه على ربي عز وجل، بل أقول إن ما أعطاني ربي عز وجل من دلالة هو حسبي وحسبكم، فإن فعل عز وجل ما اقترحتموه فذلك زائد في تطوله علينا و عليكم، وإن منعنا ذلك فلعلمه بأن الذي فعله كاف فيما أراده منا، قال: فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كلامه هذا أنطق الله البساط، والحديث طويل، مضمونه أن كلا من البساط والسوط والحمار شهدوا بالوحدانية والنبوة والولاية، وظهر من كل منها آيات عجيبة، ولم يؤمن أحدهم إلا أبو لبابة فإنه أظهر الاسلام ولم يحسن إسلامه، ثم قال (عليه السلام): فلما انصرف القوم من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يؤمنوا أنزل الله: يا محمد، " إن الذين كفروا سواء عليهم " في العظة، " أأنذرتهم " ووعظتهم وخوفتهم " أم لم تنذرهم لا يؤمنون "، لا يصدقونك بنبوتك وهم قد شاهدوا هذه الآيات وكفروا، فكيف يؤمنون (1).
سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم: سواء اسم مصدر بمعنى الاستواء، أجري على ما يتصف بالاستواء كما تجري المصادر على ما يتصف بها. وهو مرفوع على أنه خبر (إن) وقوله: (أأنذرتهم أم لم تنذرهم) بتأويل المصدر، مرفوع على الفاعلية، أي إن الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه. أو هو مرفوع بالابتداء وسواء خبره مقدما