يدل على هذا التأويل ما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما دعا هؤلاء المعنيين في الآية المقدمة، وأظهرهم تلك الآيات فقابلوها بالكفر، أخبر الله عز وجل بأنه ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ختما يكون علامة الملائكة المقربين القراء لما في اللوح المحفوظ من أخبار هؤلاء المذكورين فيه أحوالهم، حتى إذا نظروا إلى أحوالهم وقلوبهم و أسماعهم وأبصارهم شاهدوا ما هنالك من ختم الله عز وجل عليها ازدادوا بالله معرفة وعلموا ما يكون قبل أن يكون يقينا.
قال: فقالوا: يا رسول الله، فهل من عباد الله من يشاهد هذا الختم كما يشاهده الملائكة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بلى، محمد رسول الله يشاهدها بشهادة الله عز وجل، ويشاهده من أمته أطوعهم لله عز وجل وأشدهم في طاعة الله وأفضلهم في دين الله، فقالوا: من هو يا رسول الله؟ وكل منهم تمنى أن يكون هو، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعوه يكن من شاء الله، فليس الجلالة في المراتب عند الله عز وجل بالتمني ولا بالتظني ولا بالاقتراح، ولكنه فضل من الله عز وجل على من يشاء يوفقه للأعمال الصالحة يكرمه لها، فيبلغه أفضل الدرجات وأشرف المراتب، إن الله سيكرم بذلك من يريكموه في غد، فجدوا في الأعمال الصالحة فمن وفق الله له ما يوجب عظيم كرامته، فلله عليه بذلك الفضل العظيم.
قال: فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغص مجلسه بأهله، وقد جد بالأمس كل من خيارهم في خير عمله وإحسانه إلى ربه، وقدم يرجو أن يكون هو ذلك الخير الأفضل، قالوا يا رسول الله: من هذا؟ عرفناه بصفته وإن لم تنص لنا على اسمه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا الجامع للمكارم الحاوي للفضائل المشتمل على الجميل، ثم بعد ذكر كلام طويل مشتمل على كرامات ومجاهدات وقعت في تلك الليلة من أمير المؤمنين (عليه السلام) وذكر أنه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنظر إلى عبد الله بن أبي وإلى سبعة من اليهود، فقال: شاهدت ختم الله على قلوبهم وأسماعهم،