[ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين (8) يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9) في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون (10)] جليل قدره لا يعرفه إلا من ذاقه.
ومن الناس من يقول آمنا: لانشاء الايمان أو للاخبار بوقوعه فيما مضى. و إفراد الضمير في (يقول) بالنظر إلى اللفظ وجمعه فيما بعد بالنظر إلى المعنى، لأنهم في قولهم آمنا بمنزلة شخص واحد لاتفاقهم عليه من غير اختلاف، وأما إتيانهم بما ينافي الايمان فالتعدد فيه ممكن، بل واقع، فلذلك لو حظ فيه جهة كثرتهم بإيراد ضمير الجماعة.
و (الناس) اشتقاقه من الاناس، حذفت همزته تخفيفا، ومنه إنسان وأناس و إنس. وحذفها مع لام التعريف واجب، لا يكاد يقال: الاناس. وهو مأخوذ من الانس بالضم ضد الوحشة، لأنهم مدنيون بالطبع يستأنسون بأمثالهم أشد استئناس. أو من الانس بالكسر بمعنى الايناس وهو الابصار. قيل: وهذا أشبه ليناسب المقابل أعني الجن، لأنهم سموا به لاجتنانهم، ويوافق اسمه الآخر أعني البشر، لأنه من البشرة: ظاهر الجلد.
وذهب الكسائي إلى أنه من نون وواو وسين، والأصل نوس، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والنوس الحركة (1). وقيل: من نسي فقلبت اللام إلى موضع العين فصار نيسا، ثم قلبت الياء ألفا، سموا بذلك لنسيانهم. فوزنه