مطلقا من غير تقييد بالمشيئة، كان لا يمتنع أن يخص [1] بما قدمناه من الأدلة، وبقوله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم)، لأنه أعم من حيث كان متناولا لكل ما دون الشرك، فيجب أن يبنى على ما هو أخص منه مما يدل على تمييزه [2] ما يغفره مما لا يغفره، وهذا واجب في الكلام، فإذا كان، لو كان مطلقا لوجب ذلك فيه، فهو بأن يجب إذا كان مقيدا بالمشيئة أولى.
فأما قولهم: إن إضافة المغفرة إليه تعالى تمنع من حمل الكلام على الصغائر، فبعيد، لأنه تعالى هو الغافر لها، فان كانت المغفرة مستحقة فما الذي يمنع - والحال هذه - من صحة هذه الإضافة، وقد ثبت انه لا فصل بين التكفير والغفران، وقد قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم) فأضاف تكفيرها إلى نفسه وهي صغائر، فما الذي يمنع من مثله في إضافة الغفران إليه تعالى وإن كانت الذنوب صغائر.
وبعد، فعلى هذا القول يجب بطلان قولهم: إنه تعالى أراد بقوله:
(إن الله لا يغفر أن يشرك به) تفضلا، لان زيادة ذكر التفضل ههنا لا وجه له ان كانت المغفرة لا تضاف إليه إلا تفضلا، وكان يجب ألا يصح أن يقول: ويغفر الشرك مع التوبة، لان الغفران عندها واجب، فلا وجه للإضافة، وهذا يبين سقوط ما قالوه.
على أن المغفرة عندنا تتضمن الإثابة [3] لأنه تعالى إنما يغفر