الله نورد الأجوبة عن جميع الفصول التي تعلق بها، ومن الله نستمد التوفيق والتسديد بمنه ولطفه، فنقول:
إن قوله تبارك اسمه: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) مجمل غير مبين، ومبهم غير ملخص [1]، لأنه تعالى علقه بالمشيئة [2] على وجه يقتضي ظاهره أنه لا يغفر كل ما دون ذلك، وإنما يغفر بعضه دون بعض، لأن الظاهر يقتضي ما أومأنا إليه، فصار الكلام من هذا الوجه في حكم المجمل، لأنه لا يدل على أمر بعينه، ولأنه لا معصية دون الكفر إلا ويجوز أن تكون مما يشاء غفرانه، ويجوز أن تكون مما لا يشاء غفرانه، وكما يحتمل أن يكون المراد بذلك الكبائر يحتمل ان يراد به الصغائر أو بعض كل واحد منهما، وما هذه حاله يجب الا يكون دلالة على موضع يقع فيه التنازع، ومنزلته في ذلك منزلة ما تقرر في العقول قبل الشرع: من أن هذه المعاصي يجوز من الله تعالى غفران بعضها دون بعض، وعلى هذا الوجه أجاب الحسن من سأله عن هذه الآية بما قدمنا ذكره، وفي بعض الأخبار أنه قال للسائل: يا لكع! أما بين الله مشيئته بقوله:
(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم)!، فبنى تلك الآية لاجمالها [3] على هذه الآية لبيانها، وجعل الآيتين كأن إحداهما موصولة بالأخرى، فكأنه تعالى قال: ويغفر ما دون ذلك من