وتغير شمائلهم فيعطون بها كتبهم، فيكون ذلك هو المراد بقوله تعالى:
(وأما من أوتي كتابه بشماله..) [1]، لان الوجه إذا قلب صارت الشمال مكان اليمين واليمين مكان الشمال، فسمي الشمال باسمها الذي كان لها قبل قلب الوجه، وإن كانت في تلك الحال بمنزلة اليمين للمرء.
6 - وقال بعضهم: المعنى: نمحو آثار الوجوه ونجعل العيون في الانيئاء فيمشون القهقري، فهو معنى قوله تعالى (فنردها على ادبارها).
7 - وقال بعضهم: معنى (أن نطمس وجوها) أي: نجعل الوجوه منابت الشعر كوجوه القردة والخنازير، وبيان هذا قوله تعالى:
(من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير..) [2] أي: صيرهم لاشتباه وجوههم بوجوه هذين الجنسين كأنهم منهما، لا انهم صاروا على الحقيقة قرودا وخنازير.
8 - وقال بعضهم: إنما قال سبحانه: (آمنوا من قبل أن نطمس وجوها أو نلعنهم)، ومعنى ذلك افعلوا الايمان من قبل أن يكون أحد هذين الامرين وقد كان أحدهما، وهو اللعن. وهذا للفظ - أعني اللعن - وإن كان أصله في اللغة الطرد والابعاد، فإنها [3] من الأسماء المنقولة عن أصولها في الشريعة، فقد صارت الآن اسما لمجموع أشياء منها العقوبة والإهانة والخذلان والبراءة، فيكون المستحق للعن مخصوصا بذلك في حياته ثم يتبعه لسان الذم بعد وفاته.