ولا تناقض بين قوله تعالى: (إن الله يغفر الذنوب جميعا) [1] كما ظنه الجهال، لان ذلك مشروط بالتوبة، وإنما قال تعالى ذلك لئلا يظن ظان أن من الذنوب ما لا يغفره مع التوبة منه، وقد نبه تعالى بأول هذه الآية وبما بعدها على ما ذكرنا، فقال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا..) وقال سبحانه في الآية التي تليها، (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له..)، فأعلمنا أن الغفران إنما يكون بالإنابة وبالاقلاع والتوبة.
وقال أبو مسلم بن بحر: تلخيص المعنى في ذلك أنه سبحانه لا يغفر الشرك للمقيم عليه ولا يغفر معه شيئا من الذنوب صغيرا ولا كبيرا:
فالصغائر المغفورة للمؤمنين غير محطوطة عن المشركين، وذلك من أجل شركهم، ومعنى (أن) في قوله تعالى: (أن يشرك به) معنى (من أجل)، أي: من أجل الشرك لا يغفر لهم، فإذا فارقوه وكان منهم الذنب الذي هو دونه غفر ذلك لهم بالتوبة، المعنيون بقوله تعالى: (من يشاء) التائبون، ويدل على ذلك قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين) [2]. قال: ونظير هذا الاختصار قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهم ثلثا ما ترك..) [3] والأمة مجمعة على أن للاثنين مثل ما لمن فوقهما، فدل ذلك على