بكمال العقل، وإذا كان الامر كذلك فالسكر لا يمنع منه. فان قيل:
إذا كان نفس السكر يوجب الحد فكيف يجوز ألا يكون السكران مؤاخذا مكلفا!. قيل: إن المحصل من العلماء لا يقول بذلك، بل يقول: إنما يلزمه الحد يأخذ ما يسكر إذا شربه والعقل ثابت، لان ذلك من فعله (و 1) محرم عليه، فيجوز أن يؤاخذ به، وليس كذلك السكر، لأنه ليس من قبله [2] فلا يجوز ان يحد عليه. فان قيل: فمن أين قلتم أن السكر ليس من قبله [2]؟ قيل: لأنه غير واقع بحسب دواعيه واختياره ولذلك قد يريد أن يسكر بالقليل فيتعذر عليه وألا يسكر بالكثير فلا يتم ذلك له، ويجب أيضا إزالة السكر ومراجعة الصحو فلا يتمكن من ذلك. وبعد فمعلوم ان من شرط التكليف كمال العقل فإذا لم يحصل ذلك مع السكر فلا تكليف، كما إذا زال عقله بشرب بعض الأدوية يجب الا يكون مكلفا. فان قيل: فإذا لم يصح خطاب السكران فما معنى الآية؟ فقيل: انه تعالى خاطب المؤمنين وهم على غير حال السكر فالمعنى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة في المستقبل وأنتم سكارى) وإذا كان الامر كذلك وجب إن يكون الخطاب منعا مما يؤدي إلى السكر. وفي ما ذكرناه من الكلام على هذه المسألة كفاية بحمد الله.