مات ولم يحج غير عذر فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا)؟.
قيل له: إن الاكفار لا يصح الحكم به والقطع عليه بأخبار الآحاد، إذ كانت ضعيفة السند واهية العمد، لان الكافر إنما يوصف بذلك لاستحقاقه قدرا من العقاب عظيما، ومقادير العقاب لا تثبت إلا بأدلة قاطعة وحجج ظاهرة. ومع ذلك، فلهذا الحديث - إن صح - تأويل يمكن اجراؤه عليه وحمله على معناه، فنقول: إن الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله في ذلك لابد أن يريد به تشبيه من مات ولم يحج، باليهودي والنصراني، لان بترك الحج لا يصير يهوديا ولا نصرانيا على الحقيقة، وهذا معلوم باضطرار، فإذا صح فالمراد به تغليظ العقوبة لتارك الحج. ويحتمل أن يريد به من مات ولم يحج وهو منكر لوجوب الحج، لأنه في استحقاق العقوبة يقارب حاله حال اليهود والنصارى.
فان قال: كيف يصح الوعيد في الحج مع القول بجواز تأخيره [1]؟. قيل له: إنما يصح ذلك إذا كان المرء لا يحج ولا يأتي بالعزم على الحج بدلا منه، فأما إذا فعل العزم بدلا من الحج فلا حرج عليه، ما لم ينته إلى حد تظهر فيه عنده أمارات الضعف ودلائل العجز، ويعلم أنه متى أخر الحج فاته، فان عند ذلك يلزمه التقديم ولا يسوغ له التأخير.