لإبراهيم (ع) عند قومه، ليزدادوا إيمانا به وتعظيما للبيت الحرام من اجله، وإنه في ذلك مباين لبيت المقدس وغيره، لان هذا المعنى من الامن لا يحصل فيه). وقد ذكرنا في ما تقدم: أن هذا النظام اختل في الاسلام للعلل التي أومأنا إليها وهتفنا ببعضها، فصار هذا الأمان - على قول صاحب هذا القول - مما كان فانقطع، لا مما دام واستمر ومن قال منهم: (إنه أمان مستمر غير منقطع في الجاهلية والإسلام) فإنما عنى به أن من دخله - وهو خائف على نفسه من ظلم ظالم أو غشم غاشم - امن على نفسه لما يجب من تعظيم الحرم وإيجاب حرمته وتكريم بقعته وترك ترويع من لجأ إلى ظله واعتصم بحبله، وهذا من طريق الحكم والامر والتمييز لبقعته من بقاع الأرض، وأما من جنى الجنايات واستوجب البوار والقصاص (1)، فان أمانه فيه غير مطلق، بل هو بشروط وقيود، وعلى أوصاف وحدود، نحن بمشيئة الله نشير إليها ونذكر طرفا منها.
ومن قال: (إنه أمان على الخصوص). فإنه يذهب إلى أن ظاهر قوله تعالى: (ومن دخله كان آمنا) الخبر، لأنه كالوصف، وهو الغرض المقصود، دون تعريف الاحكام والشروط، وإذا كان كذلك - ولم يمكن أن يكون قوله تعالى: (كان آمنا) محمولا على كل آمن، لان المتعالم (2) فيمن دخله أنه لا يأمن من الظلم ولا يأمن من