لأنفسكم، وفعول: من أسماء الفاعلين يستعمل للمبالغة في الوصف، يقال: رجل شكور وصبور، وسيف قطوع، وجمل حمول، فإذا كان نصوحا صفة للتوبة - والمراد به المبالغة على ما قلنا - علمنا أن هناك توبة قد تقع على غير هذه الصفة، ويشملهما جميعا اسم التوبة، حتى يصح أن يوصف إحداهما بالمبالغة، وإلا لم يكن لزيادة هذه الصفة معنى، فبان أن التوبة قد تقع على وجوه فتكون مقبولة، وقد تقع على خلاف تلك الوجوه فتكون غير مقبولة، وهذا يوضح الغرض الذي رمينا إليه.
وبعد، فإنه سبحانه أخبر في هذه الآية التي كلامنا فيها: انه لا يقبل توبة القوم الذي وصفهم بما وصفهم به، ولم يخبر سبحانه على أي وجه وقعت توبتهم، وقد ثبت أنه لا يجب قبول كل ما يقع عليه اسم التوبة، ألا ترى أن التائب لو تاب من القبيح لا لقبحه بل لامر آخر لم تكن تلك التوبة مقبولة!، وكذلك المعاين عند حضور أجله، وانقطاع أمله [1] وزوال لوازم التكليف عنه، وحصوله مضطرا إلى المعرفة ملجأ إلى التحرز من ضرر العقوبة، لا تقبل توبته، ويصحح ذلك قوله سبحانه:
(وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن...) [2]، وكذلك توبة أهل النار، لأنهم ملجئون إلى ألا يفعلوا القبيح، ولذلك لا يلزم من أساء إليه غيره أن يقبل اعتذاره، وهو عاجز عن الإساءة في المستقبل.
فإذا صح ذلك فمن أين للخصوم أنه سبحانه لا يقبل توبة هؤلاء الذين