فثنى اسم (من) على المعنى).
وعلى هذا قوله تعالى: ﴿والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع...﴾ (1) والذي يمشي على بطنه وعلى أربع ليس ممن يعقل، فغلب ما يعقل لاختلاطه بما لا يعقل، وعلى هذا النحو قول لبيد:
فعلا فروع الأيهقان فأطفلت * بالجلهتين ظباؤها ونعامها (2) والنعام لا تطفل، ولكنها تبيض، إلا أنه لما خلط ما يلد بما لا يلد أجراه مجراه في الصفة، لان ما يلد أعلى طبقة مما لا يلد. وقد قيل في قوله تعالى: (فمنهم من يمشي على بطنه...) قول آخر وهو: أنه لما قال: (فمنهم) وإن كان فيهم ما لا يعقل صاروا كلهم كأنهم يعقلون، فأجرى على كل صنف منهم (من) عند التفصيل.
فأما المعنى في استسلام ما لا يعقل فهو تعذر امتناع من هذه صفته مما ينزله تعالى به: من الآلام والشدائد والمخامص والمجاهد [3]، مع كراهته لذلك، فإذا تعذر على من هذه حاله الامتناع من هذه الأمور، صار مستسلما كرها، فالمراد إذن بقوله تعالى: (وله أسلم) الاستسلام الذي